مصنف موسوعي مشهور، يشرح الأحداث التاريخية من مبدأ الخليقة حتى عصر المؤلف، وحظيت هذه الطبعة السادسة (21) مجلداً، بعد جهود جماعية متضافرة من التصحيح والتعديل والتنقيح في مضمون الكتاب، والاقتراب بمادته العلمية إلى الاكتمال، والوصول إلى ما أراده المؤلف الحافظ ابن كثير رحمه الله فيما كتبه أو أملاه، بموضوعية وحرفية. كما حظيت بالمقابلة على نسخ خطية موثوقة، وتفصيل النصوص وترقيمها، مع ضبط الأحاديث والآثار والبلدان وغير ذلك. كما تم إعادة تحقيق الجزء السادس عشر، وإضافة حوادث وأخبار ووفيات ست سنوات، لينتهي الكتاب في شهر شعبان سنة 774 هـ، بعد توافر مخطوطة نفيسة، تلافت ما وقع فيه من اضطراب ونقص. كما اهتم المحققون بتخريج الأحاديث النبوية الواردة، وشرح الكلمات، مع التوثيق من المصادر المعتمدة. ثم ختم الكتاب بأربعة أجزاء اشتملت على الفهارس العلمية الوافرة.
يقوم منهج ابن كثير فيه على عدة خصائص وأسس تميزه في بابه، وتجعل منه كتاباً فريداً من نوعه، ومن هذه الخصائص ما يلي: أولاً: اهتمامه بالإحاطة بالأخبار والاستقصاء في روايتها من مختلف الطرق، وهو بهذا يعتبر مرجعاً وافياً لهذا الفن من القصص. ثانياً: تميزه بالتحقق والتدقيق في الأخبار التي يسوقها؛ حيث كانت كل أخباره مدعمة بالدليل والحجة، كذلك فإنه تكلم عن حال هذه الأخبار من حيث الصحة أو الضعف. ثالثاً: كان ابن كثير مهتماً بسياق قصص الأنبياء، مورداً فيها مقاصد القرآن الكريم التي أبرزت العظة والعبرة فيها. رابعاً: اهتمامه أيضاً بدفع الشبه التي كان يوردها أهل الكتاب، وبعض المفسرين المتلقين عنهم مفنداً إياها، وموضحاً فسادها. وبالنظرة لما يقدمه هذا الكتاب من مداد فقد اعتنى بتحقيقه وتخريج ما جاء فيه ومن آيات كريمة وأحاديث شريعة وآثار وشواهد من مصادرها، كما أوردها المؤلف في كتابه، كما سعى إلى تذليل ما رآه صعباً من الألفاظ والعبارات والمعاني، ومصطلح علم الحديث والأعلام والأماكن وذلك بالشرح والضبط والتعريف ووضع كل ذلك في الحاشية.